الثلاثاء، ٢٤ أبريل ٢٠٠٧
تخاريف
يا ترى الوصف ده حيليق على كل الوقت اللى جاى؛ يا ترى حفضل طول الوقت حاسة أنى عايشة فى "الزمن الرمادى". الزمن اللى كل حاجة فيه فى النص: الفرح و الحزن، النجاح و الفشل،الوحدة و الونس...الخ.
و المنطقة الرمادية ديه تتفهم على مستويين: رمادى فى انه أحيان كتير بنحس أننا مش عارفين لا نحزن ولا نفرح، مش عارفين احنا بنحب و لا بنكره...كل احاسيسنا بتبقى فى المنطقة الوسطى ديه...مجرد مشاريع أحاسيس، مجرد كلام سمعته من حد أو ذكرى احساس حسيته زمان وفجأة تحس ان الحياة مادة "نظرية" جدا مليانة كليشيهات معتادة كل الناس بتقولها من عينة: مش فارقة.... والله أنا مخنوق قوى...الدنيا عبثية جدا...أو حتى كليشيهات: بحبه قوى...فركشنا؛ وصولا الى : اصل أبويا قافش عليا...ولا الدنيا متكركبة عليا.
أو حتى الرمادى ياخد معنى تانى أنك مش عارف تستمتع بأفكارك ومشاعرك للآخر: تبقى قاعد مع صحابك قعدة حلوة..التكييف ساقع بدل الولعة اللى برة فى الشارع..الأكل فى الكافيه تظبيط آخر حاجة..معاك فلوس تركب تاكسى و أنت مروح...والأهم اتكلمتوا مع بعض كتير و بصراحة و حبيتوا قوى انكوا اتعرفتوا على بعض شوية زيادة أو حتى انك اتكلمت أى كلام ولقيت حد يسمعه؛ وفجأة وبدون أى مقدمات تلاقى حاجة طبقت على قلبك واحساس غريب أنك مخنوق ومضايق يركبك و يبقى التاكسى اللى بيروحك بيتك مجرد سجن بعجل ينقلك بسرعة على اوضتك الضلمة اللى مش حتعرف تكتئب فيها لأنه مافيش مساحة للخصوصية...وتبقى كل حاجة حواليك الى كانت فى وقت مش بعيد بتفرحك أو على الأقل مش بتضايقك قادرة دلوقتى أنها تثير فيك شجن غريب...يعنى مثلا ألبوم صورك وانت صغير عندك سنة ولا اتنين: مليان بصور حد بيقولوا انه أنت و انت فاهم انه أنت مش عشان شبهك و لا حواليه نفس الناس اللى انت عارف دلوقتى انهم بابا وماما وأخويا و جيرانى وكده..لأ انت عرفت انه انت لأنك لما ركزت وتأملت لقيت المخلوق ده فى عينيه حزن غريب شبه الحزن اللى فيك دلوقتى و تلاقيك بتمسح دمعة نزلت من عينيك على الصورة؛ بس المشكلة انه الطفل ده مكانش حزين ولا الألبوم بيأرخ لوقت حزين فى حياتك بالعكس ده بيقول انك كنت طفل و سعيد وأهلك مدلعينك...بس هى الحاجة اللى طبقت على نفسك وانت خارج من الكافيه نفسها هى اللى مخالياكى تشوف كل حاجة بكآبة غريبة.
تسيب ألبوم الصور و تفتح كتاب قديم كنت بتحبه قبل ما تدخل حيز "الزمن الرمادى"،تقلب الصفحات وتدور على جملة معينة أنت بتحبها وفجأة تقرا جملة تانية خالص عمرك ما خدت بالك منها:"القبر بارد يا أمى...أرسلى لى قميصا من الصوف" جسمك كله يقشعر من الفكرة و تقفل الكتاب و تخبيه بسرعة وسط كومة الكتب يمكن تعرب من الكلمة والاحساس الغريب بالكآبى اللى حطته جواك...تقوم تجيب ورقة وقلم على أمل انك تكتب حاجة تطلعك من اللى انت فيه و تلاقى نفسك بتقلد حاجات انت كتبتها زماااان قبل "الحيز الرمادى"...تجرى على التليفزيون زى المجنون تفتحه تقلب فى القنوات و تلاقى فيلم"الخريف فى نيويورك"، البطلة أصغر من البطل بكير لدرجة أنه كان عامل مع مامتها علاقة زمان...والبنت الصغيرة بتدخل حياة الدنجوان الكبير وتعلمه يحب الدنيا و ينسى خوفه من الالتزام وأنه يحب...وهما ماشيين فى الجنينة تقلعه ساعة ايده و تقوله:"حاديهالك لما تنسى أنها معايا" و تمر أحداث الفيلم و طبعا تطلع البطلة مريضة وبتموت ليلة الكريسماس ويؤجع البطل يلاقى الهدية اللى كانت جايبهالو؛ طبعا عرفته ايه: "الساعة" ويقعد يعيط جامد...يا ترى بعد المشهد ده وبعد التيترات البطل بتاع الفيلم ده حيفضل مع الساعة فى "الحيز الرمادى"..الأكيد ان مدير أعماله مضى عقد فيلم جديد على حس نجاح الفيلم ده ونسى هو الساعة والزمن والخريف فى نيويورك ولكن أنا ضحية "الحاجة" اللى طبقه على نفسى أقلب القناة على قناة تانية الاقى الفيلم نفسه وايه لأجل الحظ على المشهد اللى بتخطف منه الساعة وبتوعده أنها حتديهاله لما ينسى أنها معاها...وتنزل من عينى دمعة. أطفى التليفزيون وأدخل أتوضى وأصلى عشان أنام...أصحى تانى يوم وأنا فى منتهى السعادة وأحكى لصحابى أحداث اليوم اللى فات بمنتهى الحيادية كأن حد غير هو اللى كان متضايق...بذمتكوا ده مش قمة اللون الرمادى لما نفس الحاجة يبقى الاحساس بيها احساسين عكس بعض؟!!
بصراحة أنا مش عارفة أنا لو حاولت أكتب الكلام ده من كام سنة وأما فى اعدادى ولا ثانوى كان حيطلع عامل ازاى و لا متصورة كمان كام سنة ممكن الكلام ده يتغير ولا لأ...بس اللى أنا متأكدة منه أنه الزمن الرمادى ده كان فيه أيام حلوة وأيام وحشة واحاسيس متضاربة و انه اللى جاى كمان كده.
يعنى م الآخر واضح اننا أبطال الزمن الرمادى: يعنى مش احنا الزمن اللى ناس فيه يا شيلوك المخلوق الشكسبيرى اليهودى الشرير صرف ولا كلنا اوفيليا حبيبة هاملت الطيبة اللى انتحرت لما حست أنها حتخسره..شكلنا احنا عملين زى على البدرى بتاع ليالى الحلمية جوانا كل الحاجات اللى عكس بعض بس الفرق الأساسى بين هذا العلى واحنا، اننا محلمناش واتصدمنا احنا اتولدنا فى زمن كل حاجة ممسوخة كل حاجة فيه فى النص ملهاش لا طعم و لا لون ولا ريحة...احنا نتاج كل الاحباطات والفشل والثورات الطفولية والأحلام الساذجة...احنا اللى رماديين مش الزمن...!!!
الثلاثاء، ٦ مارس ٢٠٠٧
الرحلة
فى روضة خضراء شاسعة
افترشت أسرة لرحلة خلوية
أب، أم ،ابن، وابنة
************************************
كل جاء بروحه المثقلة بالهموم
الأب تاركا وراءه عمل لم ينتهى
الأم منتفخة العينين بعد عراك الأمس
تنفث العينان غضب وألم
وهو يلعن أيامها
************************************
الابن تاركا أصدقائه
ألعابه...وجاء
ليقعد مع أخته
التى لفتها أنوثة مبكرة
فأمست تكره لعبه وطفولته
تفكر فى الفارس الشاب
************************************
كل آت من عالمه
لا يربطهم سوى...
تلك الملاءة القابعة تحتهم
هذه الرحلة التى يقوموا بها بحكم العادة الأسرية
لأن الرحلة لن تعوض ما كان
سنوات الصمت والغرق فى الذات
***********************************
فقدت الرحلة أجملها:
الدفئ
الحنان
...الأسرة
***********************************
أكلوا و شربوا القهوة
ومضغوا الأحاديث المقتصدة
عن كل عام، بعيدا عن أى خاص
لم يحاولوا نقض الجدار
**********************************
مع غروب الشمس
زاغت العيون نحو السيارة
طريق العودة الوحيد لما قبلوه
لأنهم لم يعرفوا سواه...
___________________________________________________________
بطاقة بريدية
وصلت بطاقاتكم
بها قباب عريقة
ومتاحف جميلة
أضواء باهرة
و...عوالم جديدة
لم أعرفها او أعهدها
ولكنى استمتعت بخطكم الأنيق
واهداءاتكم الرقيقة
ولكنى لاحظت شيئا
امضاءاتكم...باهتة...مهزوزة
وفكرت...
ووصلت الى نتيجة
ربما كانت غريبة
...أو غير معقولة
ولكنها الحقيقة على ما أظن
أن شخوصنا ضاعت
فى تيه الغابات الأسمنتية
والشوارع الضيقة
وأضواء النيون الملونة
والاعلانات المبوبة
واليكم أصدقائى
أرسل بطاقة
بلا امضاء...
الاثنين، ٥ مارس ٢٠٠٧
مقال متنشرتش فى مجلتى الماضية
السادة اعضاء المجلس الموقر لقد دارت كثير من الأحاديث والمناقشات حول السياسة الخارجية لبلدنا الحبيب خاصة مع القوة العظمى فى عالمنا اليوم "الولايات المتحدة الأمريكية"،وتم تقديم الكثير من طلبات الاحاطة والاستجوابات حول المعونة الأمريكية والى أين توجه هذه الأموال أو حتى دور "الولايات المتحدة الأمريكية" قى تحديد الموقف المصرى ازاء قضايا مهمة مثل:الصراع العربى الاسرائيلى؛حرب الخليج الثانية والثالثة،ملف ايران النووى،أو حتى فى مواضيع تتعدى الاقليمية وتصل الى مناطق أكثر خصوصية مما طرح فكرة سيادة الدولة ومناقشاتها مثل:الديمقراطية،التوريث،وحتى حقوق الانسان والمرأة والأقليات.
لذا دعونا نوضح لماذا نحن غير مؤيدين للوجود الأمريكى فى مصرفى نقاط محددة:
ان هذا الانفتاح الكبير على كل ما هو أمريكى:أفلام أمريكية وأفلام عربية تقلد أفلامهم،فيديو كليب أمريكانى وعتريس اللى بيغنى وهو لابس كاوبوى. حتى الأكل فكل الناس –بما فيهم أنا- نأكل الهامبرجر ونشرب البيبسى ونلبس الجينز ونحلم نركب الموستانج ونطلع بها امريكانى. وحتى الاحتفالات فأصبح الفالنتين داى يوم قومى يجب منحه كاجازة رسمية للموظفين،نحتفل بالهالوين داى ونعمل فى بعض ابريلز فوول...كله أمريكى.
وهذا كله لا يمسح فقط هويتنا ويجعلنا تابعين(عالة) على ثقافة أخرىوليست مجرد سحب للخصوصية الثقافية بل هى تغليب للمظاهر واهلاك المواطن العادى بسلع فوق طاقته الاقتصادية وهذا يصيبه بالاحباط واليأس والسخط على بلده وفقدان انتمائه لها بل أيضا يجعله يدخل فى دوامة السعى وراء الرزق لتلبية هذه الاحتياجات فنتحول من بلد منتج الى بلد مستهلك ومن أفراد تضفى القيمة على الأشياء الى افراد نكتسب قيمتها مما نمتلكه. الهامبرجر أغلى من السجق،ونايك أغلى من باتا،والجينز الليفيس أغلى من الجبردين وهكذا واللى معاهوش يجيب الماركة الفلانية ويدخل المول الفلانى فيه المضروب والمتهرب والمستعمل...فتشترى البنات حقيبة يد كتب عليها "دولتشى اتد جابانا"حتى تصبح "ستايل" والشباب يقتنى الطقم الرياضى "اديدوس" لعل وعسى أحدا لن يلحظ الفرق ويظنه يرتدى "اديداس" او حتى لو لاحظ يعرف أنه يعرف المغفور له الحاج "اديداس". هذا ما تريد أمريكا ان توصلنا اليه ننسى شكل شوارع جاردن سيتى الجميلة التى كنا نهرب اليها أحيانا ونتمشى فيها نظن أننا ملوك العالم لمجرد وجود المبنى المقدس "السفارة الأمريكية" التى يتكدس امامها يوميا العشرات أملا فى تأشيرة لأرض الميعاد وخلال تلك المحاولة لا مانع من تقبل المعاملة المهينة والمذلة والتفتيش الذاتى. امريكا تريدنا ان نعلم انها فى كل مكان؛ننسى العرقسوس ونفتكر البيبسى.نحلم ببراد بيت ونكره سمار عبد الحليم حافظ.نطمح للعمل فى الشركات متعددة الجنسيات ولا نبنى المصانع والمزارع والمشاريع الانتاجية.
بصفتنا بلد قديم حوالى سبعة آلاف سنة فلدينا فلكلور من الأمثال الذى تتخذه الحكومة شعار للمرحلة وتستخدم القوة العظمى هذا الفلكلور لتوجيه خطاب مناسب للحكومة والشعب.
وفى هذا الصدد فان أمريكا "تطعم الفم لتستحى العين"معونة أمريكية تقدر بالمليارات تمنح لمصر سنويا تدار هذه الأموال من مستعمرة أمريكية صغيرة بالمعادى تسمى مبنى المعونة الأمريكية يتقرر داخله مجالات الاستثمار أو الدعم بما يتناسب مع اجندتها،تهدد بقطع المعونة وتناقش هذه الاقتراحات فى الكونجرس وعندما يأتى القرار اننا "واكلين ومستحيين"يتصدر الخبر صدر الصحف القومية ويصور على أنه انتصار للشعب المصرى وتحت هذا الخبر ببنط صغير عنوان يقول "مصر تأكد عى احترام جميع الأطراف لسيادتها ولدورها الرائد فى المنطقة"؛وليت المشكلة تتوقف عند حد استخدام المعونة كورقة ضغط ولكن تتعدى هذا الحد لتكون مجرد وهم نسمع عنه ولا يحس المواطن بأى فرق لوجودها أو عدمه ولكن عليه أن "يستحى اجباريا".
دعونا نتخطى مسألة المعونة أيها السادة الأعضاء ونتحدث عن الديمقراطية:جاءت أمريكا بدعاوى التحرر من الفساد والديكتاتورية الى المنطقة وأسمت هذا المشروع "الشرق الأوسط الكبير"،افغانستان:شالو طالبان حتوا قرضاى.العراق احتلوه ودمروه ووضعوا ايديهم على بتروله وحاكموا صدام محاكمة هزليةوأشعلوا الحرب الأهلية ونصبوا المالكى على امور العباد. وأشادوا بمناخ الديمقراطية وخطوات مصر الواثبة نحو الديمقراطية من تعديل الدستور ،للانتخابات الرئاسية، لانتخابات مجلس الشعب ؛ومع ذلك أصدروا تقارير ترصد الانتهاكات التى حدثت والتزوير والاعتداءات والاعتقالات وهذا التزاوج يشرحه سياسة "سيف المعز و ذهبه" حين تكون الحكومة "مستحية: اذن فهى ديمقراطية؛ان فعلت مثل القطط "أكلت وأنكرت"تتطالب الولايات المتحدة الأمريكية بحقوق الأقليات وتناقش قضايا أقباط المهجر والبهائيين وتجعل المنظمات الحقوقية التى تمولها تتحدث عن الانتهكات فى السجون المصرية –التى فى ملاحظة بريئة نقول أن أمريكا ترسل بعض معتقليها لاستجوابهم هنا-والتزوير فى الانتخابات الأخيرة وطالبت بالافراج عن أيمن نور.
وهنايأتى الحل النميس زيارة سرية لجمال مبارك للبيت الأبيض يقدم فيها أوراق اعتماده كرئيس للجنة السياسات فى الحزب الحاكم مما يؤهله الى رئاسة أشياء أخرى لاحقا وكذا التأكيد على استراتيجية العلاقات المصرية الأمريكية.
ويستمر مسلسل الاذعان بدءا من اشتراك مصر فى حرب تحرير الكويت، الى مساعدة كبرى الشركات المصرية فى عملية اعمار العراق،وعدم استقبال وزير الخارجية المصرى لمحمود الزهار وزير خارجية فلسطين الذى يمثل حكومة حماس المنتخبة،الى عدم موافقة مصر على طموح ايران النووى ولكن صمتها المطبق عن برنامج اسرائيل النووى،الى امضاء مصر على اتفاقية الكويز وتفعيل التطبيع وموت اثنى عشر مصرى فى بارجة عسكرية اسرائيلية استهدفتها حزب الله خلال اعتداء اسرائيل على لبنان.
ان الوضع الراهن فى مصر والأمة العربية بشكل عام ليس نتاج فقط الوجود الأمريكى فى المنطقة أو حتى زرع الغرب للكيان الصهيونى المسمى اسرائيل فى المنطقة؛بل المشكلة الكبر هى عدم وجود اى مظاهر جمعية تقاوم مثل هذا التدخل وتدافع عن الحق فى وطن مستقل يقرر مصيره بنفسه.والمؤلم تزامن هذا السكون من قبل العرب شعوبا وحكومات مع صعود تيارات معادية لأمريكا وتحاول الانفلات بثقافتها واقتصادها و سياستها من الهيمنة الأمريكية:مثل ما تقوم به ايران الآن من وكوريا الشمالية من تطوير لبرامجهم النووية والدفاع عن حقهم المشروع فى معادلة ميزان القوة المختل فى العالم؛أمريكا اللاتينية وصعود اليسار فى مختلف دول القارة كوبا(فيدل كاسترو)،البرازيل(لولا دى سيلفا).فنزويلا(هوجو شافيز)،الارجنتين(نستن كريتشنر)،كولومبيا والمكسيك اخيرا وأنا هنا لا اروج الى الفكر اليسارى اقصد ان صعود مثل هذه الاتجاهات المعادية لأمريكا ليس شئ مستحيل أو غير واقعى ولكن هو يعبر عن رغبات الملايين حول العالم الذين يعانون من الاحتكار وسطوة الشركات المتعددة الجنسيات والخصخصة.أتحدث هنا عن شعوب أحست بالخطر الزاحف عنها الناتج من عولمة القطب الواحد وهم فى الساحة الخلفية لأمريكا ولم تقدر الولايات المتحدة الأمريكية ان تقف فى وجه اختيار حر لحكومات تمثل اتجاهات ورغبات العوام فى العدل الاجتماعى والحرية.
اذن التحرر من الاعتماد على امريكا ممكن ووارد وممكن تحقيقه ولكن لابد من وجود آليات لتنفيذ ذلك :أولا المناقشة الموضوعية للوجود الأمريكى فى المنطقة وحساب أبعاده ومدى توغله فى الشأن الداخلى وتقدير مميزات وعيوب هذا الوجود. ثانيا اختيار موقف واحد يتم تفعيله فى جميع المستويات سواء حكومية،حزبية،أو مؤسسات المجتمع المدنى او حتى على المستوى الشعبى.وأخيرا وليس آخرا وضع الأولوية لثقافاتنا وهويتنا العربية والمصرية وتظل هذه النقطة هى الأهم على كل المستويات فتفعيل هذه الهوية ودعمها لن ينعكس فقط على المستوى الثقافى والأخلاقى بل يمتد الى دعم الانتماء الذى بدوره يزيد من انتاجية المواطن فتحدث نهضة اقتصادية وعندما تملك الشعوب قوت يومها فبالتالى تملك مقدراتها السياسية وتكون مسئولة عن مواقفها النابعة من شعوبها.
ولكن يظل الشعار الأبدى لحكومتنا الديجيتال فى التعامل مع امريكا:"اللى تكسب به العب به."
شكرا للسادة الأعضاء انكم انتظرتم لمدة ثلاثين ثانية حتى طردتمونى لأكمل خطبتى خارج المجلس الموقر كما أشكر جمعية"امرك مصر"للديمقراطية لاستضافتها لى حتى تتسنى لى فرصة لطرح وجهات نظرى.
يوم مزدوج -- قصة كتبتها من زمااااااااااااان
جلسة امتدت طويلا،مقاعد كثيرة متزاحمة حول طاولة مكدسة بالأوراق،المصابيح خافتة الاضاءة وضيق المكان وحوائطه المطلية بلون أصفر باهت تزيد من احساس الجالس بارتفاع سقف الحجرة؛مما جعل أصوات المجتمعين أعلى وأكثر حدة تتقاطع لتبتر بعضها البعض وتزيد من ضيق المكان لتعطيك الاحساس أن الوقت نفسه أصبح ضيق.بعض الأصوات تحاول الاعتراض،والبعض الاخر يحاول الاتفاق،وآخرين يحاولون التوفيق بين هذا وذاك ولكن المؤكد أن الكل قرر التأقلم والذوبان فى الصخب...صخب كبير.
مشهد خارجى:
ممر ضيق بين عمارتين فى وسط البلد بعد منتصف الليل؛اثنان يفترقان عن مجموعة الاجتماع و يلوحان لهم بعيدا والمجموعة يلتهمها الشارع الكبير.الاثنان..رجل وامرأة..رجل فى الاربعينيات من عمره،طويل ليس ببدين ولكن جسده مترهل بسبب طبيعة عمله المكتبية.يرتدى بنطلونا رمادى وقميصا أبيض من الكتان؛أهم ما يميزه مشيته يمشى مهدل الكتفين غير مهتم بأى شئ حتى عينيه الزرقاوان الآسرتان لكل من نظر اليهما.محمود،يعمل كمترجم وله محاولات نقدية نشر منها عدة مقالات.امرأة فى الثلاثينيات من عمرها ترتدى فستان زهرى قصير دون أكمام ترفع شعرها ببساطة عن وجهها ولكن تختار بعناية الخصلات المنسابة على وجهها الدقيق الملامح ذو الذقن المدببة فى محاولة منها لكسر حدة ذقنها بتلك الخصلات.تسير المهندسة رضوى الى جوار محمود ببطأوهى تنظر للاسفلت.
رضوى فى محاولة منها لكسر الصمت:اجتماع ناجح؟صح؟
محمود:هذا كله كلام فارغ دون أى نتائج.
رضوى بدهشة:على الأقل قلنا رأينا بصراحة ودونما خوف.
"فى غرفة ضيقة...منتهى الحرية وقمة الانجاز"
"طفلة،لا تزال تحلم وتفرح بالاشياء الصغيرة والسخيفة"قالها بلهجة ساخرة لاذعة.
رضوى تستفسر:"لقد حضرت هذا الاجتماع لأنى ظننت أنه يهمك؟!"
اقترب منها محمود ووضع يده حولها وقربها اليه حتى صارا يتشاركان نفس النفس:"ما يهمنى هو أنتى،وأن نكون معا"
"اذا لماذا تحرص على أن نحضر كل هذه التجمعات؟" "لماذا؟"
محمود:"ليس من حقك أن تسألينى او تحاكمينى...أنت فقط تشاركينى ما أسمح لك به" وأبعدها عنه بعنف.
فى هدوء مصطنع:"تصبح على خير"
مشهد داخلى:
منزل رضوى،ليس بيت بالمعنى المفهوم بل هو استوديو فوق أسطح أحدى عمارات المعادى القديمة.أثاثه قليل وعلى الطابع الأمريكى،استلقت على كنبة كبيرة وأغمضت عينيها واستغرقها البكاء.رن الهاتف وأجاب جهاز الرد الآلى سبع مرات وهى نفس الرسالة من نفس الصوت:"رضوى،أنا آسف"
أشرق وجهها بابتسامة دافئة،التقطت سماعة التليفون..أرسلت شعرها على كتفها وهى تطلب الرقم.
صوته متلهفا:"آلو"
"ايوه،يا محمود"
"أنا آسف،انتى عارفة انى أفقد اعصابى بسرعة ومن غير سبب"
رضوى فى دلال:"لقد نسيت الموضوع،المهم أنك لم تقدر على اغضابى ولو لليلة واحدة"
"أنا سعيدة"
محمود كمن أفاق من غيبوبة:"سعيدة؟ بماذا؟"
"انك لم تقوى على تركى انام حزينة"
بهيستيريا:"بهذا؟أم بضعفى أمامك؟"
مستغربة:"هل خوفك على ضعف؟واحترامك لمشاعرى واعترافك بالخطأ ضعف؟"
محمود ناهيا الحديث:"لن أتحدث فى هذا الموضوع،لقد اغلقته"
بدأ حديث جديد:"أنا عازمك على العشاء غدا،فى مطعم برجوازى على النيل عندا فى كل الرفاق"
"بمناسبة ايه؟"
"لقد قبضت عربون ترجمة كتاب جديد،زائد ان غدا يمر ثلاث سنوات على حبنا وهذه مناسبة تستحق الاحتفال"
"حاضر،متى وأين بالضبط"
وضعت قلمى وقلبت صفحات الدفتر وأعدت قراءة المشاهد الثلاثة،تفكرت فى معناها وماذا تعنيه بالنسبة لى،كيف تحولت محاولتى لكتابة مذكراتى الى هذه الرضوى وذاك المحمود من أين اتوا وكيف انسابوا على الورق؟!ما صلتى أنا برضوى؟أم ان الصلة بيننا أكبر مما أتصور.
عامة قررت أن أخوض التجربة لآخرها،أمسكت بقلمى و عاودت الكتابة.
مشهد داخلى:
مطعم كبير على النيل،راقى جدا؛مفارش حريرية..أدوات مائدة فضية..كؤوس كريستال..اضاءة هادئة ورومانسية.ورضوى فى خضم كل هذا جالسة وحدها على طاولة لاثنين ترتدى فستان أسود طويل بسيط يظهر مفاتنها بأنثوية عفوية .جالسة تنتظر محمود الذى تأخر عن الموعد الذى حدده بنفسه ليحتفلوا بثلاثة سنوات من الحب."يعلم أنى اكره الانتظار" رد عليها عقلها بسخرية:"تكرهين الانتظار،نقصدين ادمنتى الانتظار..ماذا تفعلين منذ ثلاث سنوات سوى الانتظار.ميعاد يشفق عليك به،كلمة حب تسرقيها من بين كلماته الكثيرة فى عشق ذاته،تنتظرين أن يعرض عليك الزواج."
"ولكنه يحبنى،ألا تذكرى عندما كنتى فى حفلة المركز الثقافى الفرنسى منذ أكثر من أربع سنوات،لم يرفع ناظريه عنك حتى انه القى احدى أشعار نزار وهو يحفرك بعينيه داخل قلبه"
"هذا المثقف الذى بهرك منذ أول لحظة بكلامه المعقد الغامض،بعينيه الزرقاء التى لم تكن بحر تستمعى فيه برحلة حب بل دوامة اخذتك من بيتك وزوجك وابنتك وأصدقائك القدامى.فطلقتى وتركتى ابنتك لأبوها وتعرفت عى أصدقاء جدد مصطنعين يحاكمون العالم ولا يغيرونه،يحكوا عنه ولا يعيشونه،يفعلوا طقوس الحب ولا يحبون"
نظرت الى المشهد المكتوب،أول مرة تثور رضوى على انتظاره منذ ثلاث سنوات.أخيرا...لا،أنتى فقط تنفثى عن غضبك قبل أن يصل حتى لا تغامرى بمجرد ان تغضبى أمامه أو منه.تخافين من مواجهته وتلقين بكل اللوم كأنك وحدك المذنبةوليس هو من جعلك هدفا يصب عليه جم غضبه اواحباطاته.تفرغى الشحنة قبل أن يأتى فيتكلم وتسمعى وتستسلمى للوضع الحالى لأنك اجبن من ان تغيرى الوضع الحالى.لأنك لن تتحملى الفشل مع رجل تركتى كل شئ من اجله.لأن غضبك يعنى ضمنيا أن اختيارك كان خاطئا. لن أسمح لك أن تفعلى ذلك بنفسك.
باقى المشهد:
دخل محمود وأخذ مكانه على الطاولة،أشار للنادل:"تيكيلا شوت،لو سمحت"
مداعبا رضوى:"طظ فى البيرة النهاردة..ليلة برجوازية لاشتراكى معتزل"
"الساعة كام؟"
"آسف ولكن الناشر أراد مناقشة بعض تفاصيل العقد والمسائل المادية ونسيت تماما أن أتصل بك وأؤجل الميعاد"
"أنا مستنية من ساعة"
محمود ناهيا النقاش:"اعتذرت مرة قبل ذلك،عامة آسف تانى"
"كيف حالك؟"
"رضوى بغضب يحاول ان يتوارى:"مثل أى يوم"
"كيف ذلك؟وهل اليوم مثل اى يوم؟اليوم يومنا" قالها وهو يداعب يديها الموضوعة على الطاولة.
رن هاتف رضوى المحمول،حينما رأت رقم طليقها انزعجت وردت مسرعة.
"تمام وانت؟"
عندما سمع كلمة "أنت" بدأ يتابع الحديث باهتمام واضح لم يستطع ان يخفيه تشاغله بطلب "شوت تيكيلا" آخر.
"مريضة جدا.كيف؟"
"أنا آتية حالا"
نهضت رضوى مسرعة ومضت من غير كلمة واحدة ولم تنظر وراءها عندما ناداها محمود.
مشهد خارجى:
رضوى تقود سيارتها مسرعة وتصرخ بصوت عالى:"لم ارها منذ شهور وحين أراها تكون مريضة.كيف ستفكر فى الآن"
"ليس ذنبى فلقد أخذها ابوها منى بحجة أنى مشغولة"
ردت على نفسها بسخرية:"حجة؟!هل أنتى متأكدة؟"
قفزت فى ذهنها صورة محمود وهو ممتعض من اصطحابها لابنتها فى أحدى لقاءاتهما معا.
وصلت أمام منزل طليقها.
مشهد داخلى:
دلفت من الباب،وتجولت بعينيها فى أنحاء المنزل الذى تركته بحثا عن الحرية والانطلاق والحب بعيدا عن كل التعقيدات السخيفة،والالتزامات،والواجبات.رأت الوهم الذى تعيشه منذ ثلات سنوات-اليوم هو يوم طلاقها وعيد حبها لمحمود-،رأته بوضوح وبدون رتوش وكيف سحرها بكلامه عن البساطة والتلقائية.وكيف أنه يبسط كل شئ حتى هى.لم تسمع لوم وعتاب طليقها عن تقصيرها فى حق ابنتها.
دخلت غرفة البنت وتذكرت كيف انها طلتها بنفسها باللون الزهرى عندما عرفت أنها ستنجب بنت،احتضنت ابنتها وبكت.
رضوى:"أنا آسفة يا حبيبتى،تأخرت عليك كثيرا"
البنت:"لا تبكى يا أمى.أنا بصحة جيدة وبخير،أليس كذلك يا أبى"
رد الأب فى هدوء:"أكيد يا حبيبتى،وستظلى دائما بخير"
نظر الى رضوى موجها اليها الكلام:"اليس كذلك؟"
ظلت رضوى الى جوار طفلتها حتى نامت.اتجهت الى غرفة المعيشة ورأت طليقها على كرسى هزاز جديد لم تره قبلا وهو ينفث دخان سيجارته بعصبية واضحة.
"أنا عارفة انى مقصرة ومشفتهاش من شهور بس أنا كنت محتاجة لوقت"
"ديه بنتى وأنا عمرى ما حاتخلى عنها أبدا"قالها بحزم ثم نظر اليها وهو يقول:
"فاكرة ديه؟!" وأخرج من جيبه ورقة قديمة كتبتها رضوى قبل ان تفقد ايمانها بالزجل.
"الجدع لما عرف الحق..لف
جمع كل الحظ فى كف..نط
كانت عينيه قناية وكل العالم بط
حس..فرق بي قلب البصلة الحراقة
وقلب الخس...قال
حس ان الحق كلمة وموال
لقى صوته ضايع وسط كلكسات"
قررت الانسحاب أخذت حقيبتهاوهمت بالرحيل
لاحقها صوته:"الهروب هو الحل دايما،ما بقتش مستغرب"
ركبت سيارتها حتى وصلت الى بيت محمود.
مشهد داخلى:
منزل محمود،شقة صغيرة كل ما فيها من أثاث رخيص،الفوضى،للون الدهانات وشكل الفرش يشبه منازل الطلبة الريفيين الذين يعيشون فى القاهرة وقت الدراسة(حياة مؤقتة).
انسلت من الباب،كانت تعرف المنزل جيدا ولكنها لم تلقى التحية.
احتضنها بقوة حتى انها أحست انه يعتصرها:"أول مرة تأتى الى هنا ونكون وحدنا اتمنى أن يكون هذا بدافع الحب"
نظرت اليه بامتعاض ولم ترد على تلميحه السخيف الا بأنها أبعدته عنها.
"محمود لقد فكرت كثيرا فى علاقتنا،ووجدت أننى لن استطيع الاستمرار أكثر من ذلك" وهمت بالنزول.
كانت تلاحقها نظرات الجيران الذين استيقظوا من صوته العالى وسيل الألفاظ المسفة والقبيحة التى بدأيطلقها عليها كالمجنون وهو ينزل وراءها مسرعا على السلم ليس ليس ليلحق بها ولكن تحقيقا لفكرة "الجرسة البلدى".
وصلت الى سيارتها منهوكة القوى كمن وصل الى الشاطئ بعد صراع مع الأمواج.كل كيانها يؤلمها وينزف بقوة وجعا فوق احتمالها كالمهزوم فى مباراة ملاكمة وهزم هزيمة ثقيلة واضطر للتعايش مع الام جسده وكرامته المهدورة.
كان سؤال واحد يطل من رأسها لا يجد اجابة كيف تتحول كل دعوات التحضر والارتقاء بالعلاقات الانسانية الى هذا القدر من البذاءة؟
تركت قلمى وقد اتعبتنى الكتابة،لم اكن يوما عندى تلك الموهبةوهذا التدفق فى الأفكار ولكن من المؤكد أنك واجهتنى بحقائق موجعة لو فكرت لكنت قاومت معرفتها.لا أعرف ان كنت سأكمل قصتك وقصتى ام لا؟
مشهد النهاية:
لم يحدث بعد..............................................