الثلاثاء، ٢٤ أبريل ٢٠٠٧

تخاريف

مش عارفة بالظبط الوقت ده معناه ايه؟ ولا كمان كام سنة حبص لورا و اقول عن الوقت ده ايه؟؟ مش عارفة هل الوقت ده بكل شخوصه،مواقفه، أحلامه،احباطاته،نجاحاته الصغيرة،واكتشافاته البديهية،وحتى الأحداث اللى بنشوفها مالهاش لازمة ونترفع عليها...كل ده ليه؟؟ معناه ايه؟؟
يا ترى الوصف ده حيليق على كل الوقت اللى جاى؛ يا ترى حفضل طول الوقت حاسة أنى عايشة فى "الزمن الرمادى". الزمن اللى كل حاجة فيه فى النص: الفرح و الحزن، النجاح و الفشل،الوحدة و الونس...الخ.
و المنطقة الرمادية ديه تتفهم على مستويين: رمادى فى انه أحيان كتير بنحس أننا مش عارفين لا نحزن ولا نفرح، مش عارفين احنا بنحب و لا بنكره...كل احاسيسنا بتبقى فى المنطقة الوسطى ديه...مجرد مشاريع أحاسيس، مجرد كلام سمعته من حد أو ذكرى احساس حسيته زمان وفجأة تحس ان الحياة مادة "نظرية" جدا مليانة كليشيهات معتادة كل الناس بتقولها من عينة: مش فارقة.... والله أنا مخنوق قوى...الدنيا عبثية جدا...أو حتى كليشيهات: بحبه قوى...فركشنا؛ وصولا الى : اصل أبويا قافش عليا...ولا الدنيا متكركبة عليا.
أو حتى الرمادى ياخد معنى تانى أنك مش عارف تستمتع بأفكارك ومشاعرك للآخر: تبقى قاعد مع صحابك قعدة حلوة..التكييف ساقع بدل الولعة اللى برة فى الشارع..الأكل فى الكافيه تظبيط آخر حاجة..معاك فلوس تركب تاكسى و أنت مروح...والأهم اتكلمتوا مع بعض كتير و بصراحة و حبيتوا قوى انكوا اتعرفتوا على بعض شوية زيادة أو حتى انك اتكلمت أى كلام ولقيت حد يسمعه؛ وفجأة وبدون أى مقدمات تلاقى حاجة طبقت على قلبك واحساس غريب أنك مخنوق ومضايق يركبك و يبقى التاكسى اللى بيروحك بيتك مجرد سجن بعجل ينقلك بسرعة على اوضتك الضلمة اللى مش حتعرف تكتئب فيها لأنه مافيش مساحة للخصوصية...وتبقى كل حاجة حواليك الى كانت فى وقت مش بعيد بتفرحك أو على الأقل مش بتضايقك قادرة دلوقتى أنها تثير فيك شجن غريب...يعنى مثلا ألبوم صورك وانت صغير عندك سنة ولا اتنين: مليان بصور حد بيقولوا انه أنت و انت فاهم انه أنت مش عشان شبهك و لا حواليه نفس الناس اللى انت عارف دلوقتى انهم بابا وماما وأخويا و جيرانى وكده..لأ انت عرفت انه انت لأنك لما ركزت وتأملت لقيت المخلوق ده فى عينيه حزن غريب شبه الحزن اللى فيك دلوقتى و تلاقيك بتمسح دمعة نزلت من عينيك على الصورة؛ بس المشكلة انه الطفل ده مكانش حزين ولا الألبوم بيأرخ لوقت حزين فى حياتك بالعكس ده بيقول انك كنت طفل و سعيد وأهلك مدلعينك...بس هى الحاجة اللى طبقت على نفسك وانت خارج من الكافيه نفسها هى اللى مخالياكى تشوف كل حاجة بكآبة غريبة.
تسيب ألبوم الصور و تفتح كتاب قديم كنت بتحبه قبل ما تدخل حيز "الزمن الرمادى"،تقلب الصفحات وتدور على جملة معينة أنت بتحبها وفجأة تقرا جملة تانية خالص عمرك ما خدت بالك منها:"القبر بارد يا أمى...أرسلى لى قميصا من الصوف" جسمك كله يقشعر من الفكرة و تقفل الكتاب و تخبيه بسرعة وسط كومة الكتب يمكن تعرب من الكلمة والاحساس الغريب بالكآبى اللى حطته جواك...تقوم تجيب ورقة وقلم على أمل انك تكتب حاجة تطلعك من اللى انت فيه و تلاقى نفسك بتقلد حاجات انت كتبتها زماااان قبل "الحيز الرمادى"...تجرى على التليفزيون زى المجنون تفتحه تقلب فى القنوات و تلاقى فيلم"الخريف فى نيويورك"، البطلة أصغر من البطل بكير لدرجة أنه كان عامل مع مامتها علاقة زمان...والبنت الصغيرة بتدخل حياة الدنجوان الكبير وتعلمه يحب الدنيا و ينسى خوفه من الالتزام وأنه يحب...وهما ماشيين فى الجنينة تقلعه ساعة ايده و تقوله:"حاديهالك لما تنسى أنها معايا" و تمر أحداث الفيلم و طبعا تطلع البطلة مريضة وبتموت ليلة الكريسماس ويؤجع البطل يلاقى الهدية اللى كانت جايبهالو؛ طبعا عرفته ايه: "الساعة" ويقعد يعيط جامد...يا ترى بعد المشهد ده وبعد التيترات البطل بتاع الفيلم ده حيفضل مع الساعة فى "الحيز الرمادى"..الأكيد ان مدير أعماله مضى عقد فيلم جديد على حس نجاح الفيلم ده ونسى هو الساعة والزمن والخريف فى نيويورك ولكن أنا ضحية "الحاجة" اللى طبقه على نفسى أقلب القناة على قناة تانية الاقى الفيلم نفسه وايه لأجل الحظ على المشهد اللى بتخطف منه الساعة وبتوعده أنها حتديهاله لما ينسى أنها معاها...وتنزل من عينى دمعة. أطفى التليفزيون وأدخل أتوضى وأصلى عشان أنام...أصحى تانى يوم وأنا فى منتهى السعادة وأحكى لصحابى أحداث اليوم اللى فات بمنتهى الحيادية كأن حد غير هو اللى كان متضايق...بذمتكوا ده مش قمة اللون الرمادى لما نفس الحاجة يبقى الاحساس بيها احساسين عكس بعض؟!!
بصراحة أنا مش عارفة أنا لو حاولت أكتب الكلام ده من كام سنة وأما فى اعدادى ولا ثانوى كان حيطلع عامل ازاى و لا متصورة كمان كام سنة ممكن الكلام ده يتغير ولا لأ...بس اللى أنا متأكدة منه أنه الزمن الرمادى ده كان فيه أيام حلوة وأيام وحشة واحاسيس متضاربة و انه اللى جاى كمان كده.
يعنى م الآخر واضح اننا أبطال الزمن الرمادى: يعنى مش احنا الزمن اللى ناس فيه يا شيلوك المخلوق الشكسبيرى اليهودى الشرير صرف ولا كلنا اوفيليا حبيبة هاملت الطيبة اللى انتحرت لما حست أنها حتخسره..شكلنا احنا عملين زى على البدرى بتاع ليالى الحلمية جوانا كل الحاجات اللى عكس بعض بس الفرق الأساسى بين هذا العلى واحنا، اننا محلمناش واتصدمنا احنا اتولدنا فى زمن كل حاجة ممسوخة كل حاجة فيه فى النص ملهاش لا طعم و لا لون ولا ريحة...احنا نتاج كل الاحباطات والفشل والثورات الطفولية والأحلام الساذجة...احنا اللى رماديين مش الزمن...!!!

ليست هناك تعليقات: