السبت، ١٥ مارس ٢٠٠٨

الذات المستخبية


أعرف أنى محتاجة إلى الكتابة..محتاجة إلى ان تخرج هذه الشحنة الغريبة والمزدحمة من المشاعر والأفكار خارج حيز عقلى..أن تتحول إلى كلمات،عبارات، صياغات تساعدنى على فهم ما يحدث حولى وداخلى وكيفية التنسيق بين هذا الخارج بكل زخمه وتجدده وقوته وعنفوانه وبين هذا الداخل الذى قد يكون قوياً ولكنه يحتاج إلى سياق،هدف يسعى إليه، احتمال يدغدغ همته وإرادته تدفعنى إلى الأمام..
أحتاج ان أكتب مقال..فيلم..قصيدة..رباعية..حتى سطر واحد..أحتاج أن اعبر عما يدور فى خلدى وأكون راضية أحس بهذا الإنجاز عندما تتولد من داخلك كلمات صادقة تصل للآخرين..أحتاج أن تضمنى الكتابة وتهدأ من روعى، أن تقف بجانبى فى محنتى مع ذاتى...
لا أؤمن بالتنمية البشرية وعلومها..7 طرق لتكون إنسان ناجح وفعال؛ ستيفن كوفى..إبراهيم الفقى، يشبهون المسكنات التى تعطيك الأمل أنك سوف تكون إنسان أفضل، مجرد حل لمؤقت لمشكلة دائمة من وجهة نظرى. ولكن فى إحدى هذه المحاضرات التى تتحدث عن تنظيم الوقت: طلب منا المحاضر أن نكتب كل المهام التى من المطلوب إنجازها فى الوقت الراهن..كنت قادمة من إجتماع بعد يوم كلية مرهق ثم سأحضر هذه المحاضرة وأذهب لأشاهد فيلم مع أصحابى..منهكة..جعانة..وأعانى من صداع شديد. تجاوبت على مضض مع طلبات المحاضر..أخذت ورقة وقلم وبدأت فى الكتابة. كتبت أطول ورقة فى المحاضرة لدرجة أثارت ضحك الجميع..ولكنى أحسست الصداع ينسحب من رأسى..قال المحاضر إن المهام المتأخرة هى ما يثير توترنا ويصينا بالإجهاد الذهنى والبدنى.
لذا أكتب لأن فى قلبى مشاعر متأخرة لابد من أن تعبر عن نفسها وتأخذ حيزها فى الظهور دون أن تحاكم أو يتم تقييمها؛ أحتاج أن أواجه مشاعرى أفهمها وأعرفها أحسها حتى الثمالة حلوها ومرها..أحتاج أن آخذ مساحتى فى الألم والفرح والحزن والنشوة..أريد أن تكون مشاعرى ثلاثية الأبعاد..ملموسة ومرئية ومحسوسة..أريد أن انصهر داخلها أن أعيشها حتى أن أتخطاها؛ حتى تصبح مشاعرى حصان برى تم ترويضه دونما سحب صفة الشبق الذى يمتاز به المخلوق البرى؛ أريد ان يكون إحساسى حصان طليق فى الروابى الخضراء دونما قيود والأهم دون إحساس بالخطر..مشاعر غير عابئة بالأسود والنمور والصيادين..مشاعر آلهها الحياة والمتعة والذات والأسطورة.
أعرف ما هى مأساتى, ما يقف سداً منيعاً بينى وبين هذا الحصان البرى الأسود الجميل الذى يرعى بهدوء فى وسط السافانا الخضراء بإحدى المحميات الطبيعية فى افريقيا..
ولكنى لا أستطيع الاعتراف بهذا الضعف..لأنى ليس عندى رفاهية الإنكسار والاندياح مع مشاعرى حتى النهاية؛ من حيث: الزمن، فى ظل روتين يومى من العمل الشاق ذهنيا ونفسياً، المكان، حيث عدم وجود المساحة الوقتية والمكانية للانكسار فى هدوء وخصوصية، أو حتى الجبن والخوف من هذا الانكسار...
المشكلة ليست فى المشاعر فقط بل فى إدراكنا لها وتضخيمنا إياها بل المأساة الحقبقة أننا أدمنا الحزن والكآبة كأنها تعطينا هالة من الوقار والشخصي المعقدة الجذابة..أو لأننا منغمسين فى نفوسنا ومشاكلها وفهم كل ظواهر الحياة من خلال فكرة واحدة وإحساس واحد.
يا رب افهم حاجة...

هناك تعليق واحد:

Hamlet يقول...

مش هاعلق على أى حاجة تخص البوست
أنا بس هاقول لك انى باحب الصورة دى قوى ؟؟
ميرسي انك حطيتيها قوى ...